كشفت وثائق ومراسلات تم العثور عليها في أحد مصانع الكبتاجون في سوريا، عقب انهيار نظام بشار الأسد، عن دور شركات تعمل تحت رعاية النظام الإماراتي في تسهيل تصدير الكبتاجون إلى دول الخليج.
الوثائق، التي تم اكتشافها داخل مستودع عسكري قرب العاصمة السورية دمشق، أكدت أن تصدير الكبتاجون كان يتم تحت غطاء تجارة الخضروات والفواكه>
ومن أبرز الشركات المتورطة التي كشفت عنها الوثائق “شركة أريحا للتجارة العامة”، ومقرها دبي، والتي استخدمت طرقًا معقدة لتمويه تجارة المخدرات بواجهة قانونية.
أظهرت هذه الوثائق أيضًا دور ماهر الأسد، شقيق الرئيس السوري الهارب، في إدارة هذه التجارة قيادته المباشرة لهذه العمليات أكدت أن الكبتاجون لم يكن مجرد تجارة جانبية، بل صناعة ممنهجة يقودها النظام السوري بالتعاون مع شبكات دولية، بما في ذلك شركات إماراتية ذات ارتباطات بالنظام الحاكم.
تدمير الشباب العربي
على مدى سنوات، أعلنت السلطات السعودية عن إحباط محاولات تهريب ملايين الحبوب من الكبتاجون إلى أراضيها، غالبًا عبر شحنات فواكه قادمة من لبنان. المنافذ الحدودية، وخاصة منفذ البطحاء بين المملكة والإمارات، كانت تمثل نقطة عبور رئيسية لتلك الشحنات، مما يثير تساؤلات حول دور السلطات الإماراتية في ضبط هذه الأنشطة أو غض الطرف عنها.
تُتهم أطراف لبنانية، على رأسها حزب الله، بلعب دور محوري في تهريب المخدرات من سوريا إلى لبنان، ومن هناك إلى الخليج عبر شحنات خضروات وفواكه.
هذا الدور لم يكن ليتم دون دعم لوجستي وشبكات معقدة تشمل شركات إقليمية، على رأسها تلك العاملة في الإمارات.
انعكست هذه الأنشطة سلبًا على علاقات دول الخليج مع لبنان وسوريا.
إذ فرضت السعودية ودول خليجية أخرى حظرًا على المنتجات الزراعية القادمة من لبنان عدة مرات، ردًا على التهريب المتكرر للمخدرات.
شراكة الكبتاجون بين بشار وبن زايد
تشير التقارير إلى أن تجارة الكبتاجون كانت أحد الأعمدة الاقتصادية للنظام السوري>
ففي عام 2020 وحده، بلغت القيمة السوقية لهذه التجارة 3.46 مليار دولار، وفي عام 2021، ارتفعت القيمة الإجمالية لتجارة الكبتاجون في الشرق الأوسط إلى 5 مليارات دولار، بحسب معهد “نيولاينز” للأبحاث بواشنطن.
قدر “مرصد الشبكات السياسية والاقتصادية” أن النظام السوري البائد حصل على متوسط 2.4 مليار دولار سنويًا من تجارة الكبتاجون بين عامي 2020 و2022، وهو رقم يفوق عائدات الصادرات الرسمية لسوريا.
لكن التعاون بين النظام السوري وشركات إماراتية يكشف عن دور الإمارات غير المعلن في دعم تجارة الكبتاجون، سواء عبر التسهيلات اللوجستية أو غض الطرف عن أنشطة هذه الشركات.
ووفقًا لتقرير مكتب الأمم المتحدة المعني بالمخدرات والجريمة، كانت سوريا ولبنان من المناطق الرئيسية لتصدير الكبتاجون إلى الخليج، مع دور محوري لشركات إماراتية في نقل هذه الشحنات برًا وبحرًا.
تشير المعطيات إلى أن النظام الإماراتي، الذي يُقدم نفسه كداعم للاستقرار في المنطقة، يلعب دورًا مزدوجًا.
فمن جهة، يروج للصورة الزائفة لدولة منفتحة اقتصاديًا ومركز للتجارة العالمية، ومن جهة أخرى، يتيح لشبكات التهريب العمل بحرية داخل حدوده.
الشركات الإماراتية المتورطة، مثل “شركة أريحا”، ليست سوى رأس الجليد. دعم هذه الشركات للنظام السوري يعكس استغلال الإمارات موقعها الجغرافي كبوابة بين الشرق والغرب لخدمة أجندات خفية.
بات واضحًا أن تجارة الكبتاجون ليست مجرد تجارة مخدرات، بل هي أداة سياسية واقتصادية تخدم الأنظمة القمعية، مثل النظام السوري، بدعم غير مباشر من حلفائه الإقليميين، وعلى رأسهم النظام الإماراتي.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق